المرتفق موضوعا وفاعلا في الحكومة الرقمية بالمغرب - جزئين
سليمان العمراني
الجزء الأول :
إن إشكالية الفساد التي تمزق بال كل المجتمعات، وتسعى الحكومات إلى التصدي لها دوما القدرة على التخليص منها بشكل نهائي، تبقى أحد التحديات التي لم تفلح حتى آليات الديمقراطية في القضاء عليها، غير أن عملية الرقمنة تبشر لحد الآن ببوادر عهد جديد من العلاقات بين الموظف والمرتفق، وذلك بتقليلها من العلاقات المباشرة بين طرفي العلاقات الإدارية، مما قد يحدث تحولا نوعيا على هذا المستوى، حيث تصبح العلاقات بين المواطن والموظف علاقات غير مباشرة، بل قد يستعاض عن الموظف بحواسيب مبرمجة، تنجز ما كان يقوم به الإنسان في سرعة كبيرة وبدقة متناهية، كما تسمح أيضا بتتبع مآلات الملفات والقضايا المعروضة على الإدارة بصفة عامة، وهو ما يسهل معه تحديد المسؤوليات بصفة عامة، ويبقى المستفيد الأكبر من ذلك هي المجتمعات التي ستشغل بقضايا أخرى قد تنصب عموما في مجال تحقيق الرفاهية والأمن والأمان للإنسان. ومادام لكل عصر مفاهيمه وأدواته التقنية المقاربة الأمور إلا أن الحقوق والواجبات تبقى هي نفسها، فيقدر ما تيسر الحياة الرقمية أمور المواطنين، وتبسط تعقيدات حياتهم، إلا أن ذلك أفرز أيضا تهافتنا كبيرا على المعطيات الخاصة للأشخاص، مما بات يفرض على الإدارة ضرورة وضع ميثاق أخلاقي، تسهر على حسن إعماله، يحمي المعطيات الخاصة للمرتفقين، ويحيط حياتهم الخاصة بكل ما يتطلبه ذلك من إجراءات وقوانين وآليات تقنية مختلفة.
رغم المجهودات الكبيرة التي بذلتها الحكومات لتطوير الرقمنة، فإن العلاقة بين الحكومة الرقمية والمرتفق ما تزال تواجه عدة عراقيل. من أبرزها الفجوة الرقمية، المتمثلة في التفاوت الكبير بين فئات المجتمع في الولوج إلى التكنولوجيات الحديثة، فبينما يستفيد سكان المدن من خدمات رقمية متقدمة، يجد سكان المناطق القروية أو الفئات الهشة صعوبات في الاستفادة منها، بسبب ضعف البنيات التحتية أو قلة الوعي الرقمي. ولعل أزمة كوفيد أكدت ذلك بشكل واضح.
الجزء الثاني:
هذه الأطروحة التي تقدم بها المؤلف لنيل شهادة الدكتوراه، تحت عنوان "المرتفق والحكومة الرقمية بالمغرب (2005-2025) - تحليل نسقي ودراسة الحالة بأربع جهات".
وقد تناول الكتاب في جزئه الأول يعُدي الجودة والتسويق لمنظومة الحكومة الرقمية بالمغرب، فيما تناول الجزء الثاني منه يعُدي تشاركية المرافق العمومية مع المرتفقين لبناء، تلك المنظومة ، واستعمال هؤلاء الآخرين للخدمات العمومية الرقمية في نهاية المطاف.
وقد استدرت الأطروحة أساسا على ثلاث أدوات بحثية ، تعلقت الأولى بالبحث الميداني المجري لدى عينة من المواطنين والمواطنين لاستطلاع تقييمهم للخدمات العمومية الرقمية وانتظارهم من ورش الحكومة الرقمية، وتعلق الأداة الثانية بالمقابلات المجراة مع مجموعة من المرافق العمومية المعنية بموضوع البحث.
وأما الأداة البحثية الثالثة فكانت استدعاء ، للتجربة المقارنة عبر العالم، حيث أمكن رصد التجارب الرقمية المتقدمة ل 26 دولة عبر أربع قارات، في مجالات متغييرات البحث التي هي الجودة والتسويق والشاركية والاستعمال.
ويقدم الكتاب، في متن فصوله الأربعة، وفي خاتمته، توصيفا للمداخل التطويرية لإرساء منظومة الحكومة الرقمية بالمغرب، استجابة لانتظارات المرتفقين، واستلهاما للتجارب الفضلى عالميا ، وتثمينا للخلاصات التي خلص إليها الباحث.
.لا يوجد أي كتاب